الأربعاء، 13 يونيو 2012

قصتي مع آدم





إنها القصة الأولى, أليست كذلك! أول مواجهة لي مع آدم, بعد أن طُردت أنا من رحمة الله, و سكن أبوكم الجنة. لقد فكرت طويلا و أنا أسير وحدي ذليلا كجرو صغير  تائه بلا مأوى, هل هذه النهاية؟! لا! يجب أن أنتقم من آدم و أثبت أنه مجرد كائن ضعيف  لا يحسن التدبير و لا حتى التفكير.
و لكن كيف؟ كيف سأقنعه بالعصيان؟ من الصعب أن تزين لرجل خلقه الله و نفخ فيه من روحه  ثم أسكنه جنته هو  و زوجه  أن يتمرد ! و لكن تجربتي الأولى مع آدم علمتني الدرس الأول: إياك أن  تفقد الأمل!  و بالصبر  ستجد الطريقة المناسبة للإغواء.
علمت أن الله قد أمره بالابتعاد عن الشجرة, الأمر الذي دفعني للتساؤل: لماذا؟ لا بد أن آدم نفسه يسأل ذات السؤال: لماذا؟ حسنا, الفضول قتل قطة! و سوف أستخدمه لأقضي به على آدم. اقتربت منه و هو يأكل طعامه في الجنة و همست له: هلمَّ إلى الشجرة, هنالك أمر ما خاص و مميز فيها, و إلا ما نهاك الله عن الاقتراب منها.
توقف ادم عن المضغ فبقيت اللقمة بين أسنانه و أخذ يفكر فيما قلت, و لكنه نفضني بسرعة و ألقى هذه الفكرة من رأسه ثم ابتلع طعامه.
تبا! سوف أحتاج إلى ما هو أقوى من فضول القطط حتى أغوي آدم! يجب أن أمشي! المشي يساعدني على التفكير و يعطيني القدرة على التركيز بشكل أفضل. طوال ساعتين من الزمن كان الهواء الساخن يدغدغ وجهي و أنا أسير في السرداب الحجري المؤدي الى كهف الحمم, و عندما أوشكت على الشعور بالتعب, سقطت تلك الجملة فوق لساني: كل ما له بداية, له نهاية, الموت!  سوف أستخدم هذه الحقيقة في دفعه الى الشجرة, حقيقة أنه كائن فانٍ سوف يموت في يوم من الايام مهما طال عمره و امتدت سنونه. أسرعت اليه فوجدته هذه المرة يمشي الهوينى في الجنة, همست اليه: آدم, سوف تموت! ارتعشت عينه و لم يبد أنه فهم تماما ما قلت , و لكن قلبه اضطرب. تركته لعدة أيام ثم عدت اليه فوجدت ان البذرة التي زرعتها قد أثمرت بما أردت: الخوف! أصبح آدم الان لقمة سائغة بين أنيابي لانه خاف من الموت. و الآن حان وقت الخطوة التالية, الى الشجرة!
آدم, هذه شجرة الخلد التي سوف تنقذك من الموت, و ما منعك الله منها الا لتبقى مخلوقا فانيا زائلا, انها فرصتك لتكون من الخالدين الذين يعيشون أبد الدهر, لتصبح الها مثل الله! هيا, إلى الشجرة.....
و فعلها آدم! كان منظرا رائعا و هو يحاول الاختباء كالفأر بعد أن بدت عورته. نعم, لقد انتصرت, لقد حطمت اسطورة هذا الطيني اللزج, فعوقب بالهبوط إلى منزلته الطبيعية التي يستحقها, التراب! حُكم على آدم  بالهبوط إلى الأرض, و التي كأنها كانت تناديه منذ خلُق أن تعال إلى أمك يا آدم حتى تحضنك و تعفر وجهك الصلصالي بغبارها القذر...
و كنت أذوق  حلاوة النصر في فمي عندما انقلبت فجأة إلى علقم, فقد أعطي ادم في هذه اللحظة ما هو أعظم: التوبة! أرسله  الله إلى الأرض لكنه أعطاه فرصة أخرى, نافذة ستبقى مفتوحة له  و لذريته إلى يوم الدين. يال بؤسك يا إبليس ! كم  أنت كئيب و فاشل! أين العدل؟! أُطرد أنا من الرحمة و يعطى آدم الحق في التراجع و البدء من جديد ليستقبله الله تائبا بينما تغلق أمامي أبواب السماء...
دخلت في نوبة حادة من الاكتئاب و اعتزلت في كهفي اجتر هزيمتي, حتى جاءت المرة الأولى التي أخرج فيها منذ زمن بعيد, و عندها  رأيتهما فأشرق قلبي من جديد و أدركت أن فرصتي قد حانت لحرق قلب آدم. حدث كل ذلك عندما رأيتهما يلعبان من بعيد, قابيل و هابيل.......






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق