
و لكن كيف؟ كيف سأقنعه بالعصيان؟ من
الصعب أن تزين لرجل خلقه الله و نفخ فيه من روحه ثم أسكنه جنته هو و زوجه
أن يتمرد ! و لكن تجربتي الأولى مع آدم علمتني الدرس الأول: إياك أن تفقد الأمل!
و بالصبر ستجد الطريقة المناسبة للإغواء.
علمت أن الله قد أمره بالابتعاد عن
الشجرة, الأمر الذي دفعني للتساؤل: لماذا؟ لا بد أن آدم نفسه يسأل ذات السؤال:
لماذا؟ حسنا, الفضول قتل قطة! و سوف أستخدمه لأقضي به على آدم. اقتربت منه و هو
يأكل طعامه في الجنة و همست له: هلمَّ إلى الشجرة, هنالك أمر ما خاص و مميز فيها,
و إلا ما نهاك الله عن الاقتراب منها.
توقف ادم عن المضغ فبقيت اللقمة بين
أسنانه و أخذ يفكر فيما قلت, و لكنه نفضني بسرعة و ألقى هذه الفكرة من رأسه ثم
ابتلع طعامه.
تبا! سوف أحتاج إلى ما هو أقوى من فضول
القطط حتى أغوي آدم! يجب أن أمشي! المشي يساعدني
على التفكير و يعطيني القدرة على التركيز بشكل أفضل. طوال ساعتين من الزمن كان
الهواء الساخن يدغدغ وجهي و أنا أسير في السرداب الحجري المؤدي الى كهف الحمم, و
عندما أوشكت على الشعور بالتعب, سقطت تلك الجملة فوق لساني: كل ما له بداية, له
نهاية, الموت! سوف أستخدم هذه الحقيقة في
دفعه الى الشجرة, حقيقة أنه كائن فانٍ سوف يموت في يوم من الايام مهما طال عمره و
امتدت سنونه. أسرعت اليه فوجدته هذه المرة يمشي الهوينى في الجنة, همست اليه: آدم,
سوف تموت! ارتعشت عينه و لم يبد أنه فهم تماما ما قلت , و لكن قلبه اضطرب. تركته
لعدة أيام ثم عدت اليه فوجدت ان البذرة التي زرعتها قد أثمرت بما أردت: الخوف!
أصبح آدم الان لقمة سائغة بين أنيابي لانه خاف من الموت. و الآن حان وقت الخطوة
التالية, الى الشجرة!
آدم, هذه شجرة الخلد
التي سوف تنقذك من الموت, و ما منعك الله منها الا لتبقى مخلوقا فانيا زائلا, انها
فرصتك لتكون من الخالدين الذين يعيشون أبد الدهر, لتصبح الها مثل الله! هيا, إلى
الشجرة.....
و فعلها آدم! كان منظرا رائعا و هو
يحاول الاختباء كالفأر بعد أن بدت عورته. نعم, لقد انتصرت, لقد حطمت اسطورة هذا
الطيني اللزج, فعوقب بالهبوط إلى منزلته الطبيعية التي يستحقها, التراب! حُكم على آدم بالهبوط إلى الأرض, و التي كأنها كانت تناديه
منذ خلُق أن تعال إلى أمك يا آدم حتى تحضنك و تعفر وجهك الصلصالي بغبارها القذر...
و كنت أذوق حلاوة النصر في فمي عندما انقلبت فجأة إلى
علقم, فقد أعطي ادم في هذه اللحظة ما هو أعظم: التوبة! أرسله الله إلى الأرض لكنه أعطاه فرصة أخرى, نافذة
ستبقى مفتوحة له و لذريته إلى يوم الدين.
يال بؤسك يا إبليس ! كم أنت كئيب و فاشل! أين
العدل؟! أُطرد أنا من الرحمة و يعطى آدم الحق في التراجع و البدء من جديد ليستقبله
الله تائبا بينما تغلق أمامي أبواب السماء...
دخلت في نوبة حادة من الاكتئاب و اعتزلت
في كهفي اجتر هزيمتي, حتى جاءت المرة الأولى التي أخرج فيها منذ زمن بعيد, و عندها
رأيتهما فأشرق قلبي من جديد و أدركت أن
فرصتي قد حانت لحرق قلب آدم. حدث كل ذلك عندما رأيتهما يلعبان من بعيد, قابيل و
هابيل.......
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق