الأحد، 1 يوليو 2012

نوح




    - اسمه نوح....
    - و ماذا يريد؟
    - أن نترك عبادة الأصنام و نعبد الله!
انتفضت من مكاني عندما سمعت حديثهما, فقد مضى زمن طويل منذ أن تحول البشر إلى عبادة الأوثان,و لكنها لم تكن أصناما! كلا! لقد كانت وسيلة للتواصل مع الله , لتقريب بني ادم إلى خالقهم, و هل من طريقة أفضل من ود و يغوث و غيرهم من العباد الصالحين الذين اختارهم الله ليكونوا وسطاؤه مع البشر!
و لكن نوح يريد أن يُفسد عليّ أمتي! شعبي! و في اللحظة التي ظنننت أن الله قد نسي بني آدم  ظهر نوح فجأة, و ذاع صيته بين الناس, فعقد كبار القوم اجتماعا لبحث أمره, كنت متحمسا للبدء في طرح المقترحات للقضاء على الدعوة الوليدة, و لكنني آثرت أن أغلق فمي و أرى ما يصنع القوم
     -  لو أراد الله أن يرسل نبيا لجعله ملاكا, لا بشرا يَمنّ علينا بالهداية و قد يطلب منا المال!
     -  سوف نتهمه بالجنون
     -  و الدليل على جنونه  أن أتباعه هم الفقراء و المساكين
     - فان لم ينته سنهدده بالقتل
هؤلاء البشر رائعون! هم مفكرون و مبتكرون و بالتأكيد ليسوا بحاجة   إليّ  للتغلب على نوح! نوح الذي وصل الليل بالنهار و هو في الحر أو حتى تحت الأمطار و هو يحاورهم و يدعوهم, يحدثهم تارة عن نعيم الدنيا من سعة في الرزق و الولد و تارة عن نعيم الآخرة من جنان و طمأنينة تكون لهم أن أنابوا إلى خالقهم.
كان نوح حالة مميزة, فقد كان نجارا, مما جعله خبيرا في التعامل مع الأشياء, فكل مسمار بحاجة إلى أسلوب مختلف في الطرق, و خشب السرو ليس مثل خشب الصنوبر. لهذا فقد طبق ذلك في دعوته للناس, فكان يدعو كل شخص بما يلائم شخصيته, بعضهم في السر و آخرون في العلن, بعضهم فرادى و آخرون في جماعات. نجح نوح في استقطاب البعض  و أسماهم بالمؤمنين. و مضت السنون و مات الآباء و أوصوا أبنائهم بعدم إتباع نوح. ثم تطور مسار الأمور و أصبح مضحكا بعد أن علمتهم بأن يضعوا أصابعهم في آذانهم و يغطوا وجوهم بثيابهم كلما رأوا نوح! نعم أنا اعلم أن صوته يصل إليهم مع ذلك و لكن العبرة كانت في تحقيره و دفعه إلى الجنون!
     - ماذا سنفعل الآن؟ ...سأل أقواهم
     - سنتركه, ليس هنالك من أتباع جدد ينضمون إليه, فدعوه يجهد نفسه
و لكن نوح كان قد بدأ بإزعاجي, فكلماته تحرق أذني كرصاص مصهور و لهذا فقد وسوست لهم بأن نبدأ القتل, سنعذب أتباعه و لن يوقفنا احد, فنوح ضعيف و أتباعه مشردون. قبضوا على أحدهم و كان اسمه حسان و عذبوه ثم صعدوا به إلى قمة تلة تطل على المدينة و هناك أعطوه فرصة أخيرة للعودة الى عبادة نَسر
   - لا...صاح حسان
شعرت بالشفقة عليه! أيها الغبي ! إن نوح يدعو منذ مئات السنين و لا أحد يستمع إليه, حتى الله الذي أرسله قد نسيه و نسيكم جميعا! لم يجبني حسان و أنا أوسوس إليه
    - اقتلوه...صحت بهم
و سقطت منه قطرة دم واحدة فارتطمت بالتراب لتحدث  صوت انفجار فانتفض الرجال
   -  ما كان هذا؟
و أتى الصوت مرة أخرى  فكان أكثر وضوحا
  -  انه صوت مطرقة!
و عندما عدنا إلى المدينة عرفنا أن نوح النجار أعمل مطرقته وبدأ ببناء سفينة!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق