- أن
نترك عبادة الأصنام و نعبد الله!
انتفضت من مكاني عندما سمعت حديثهما, فقد مضى زمن طويل منذ أن
تحول البشر إلى عبادة الأوثان,و لكنها لم تكن أصناما! كلا! لقد كانت وسيلة للتواصل
مع الله , لتقريب بني ادم إلى خالقهم, و هل من طريقة أفضل من ود و يغوث و غيرهم من
العباد الصالحين الذين اختارهم الله ليكونوا وسطاؤه مع البشر!
و لكن نوح يريد أن يُفسد عليّ أمتي! شعبي! و في اللحظة التي
ظنننت أن الله قد نسي بني آدم ظهر نوح
فجأة, و ذاع صيته بين الناس, فعقد كبار القوم اجتماعا لبحث أمره, كنت متحمسا للبدء
في طرح المقترحات للقضاء على الدعوة الوليدة, و لكنني آثرت أن أغلق فمي و أرى ما
يصنع القوم
- لو أراد الله أن يرسل نبيا لجعله ملاكا, لا
بشرا يَمنّ علينا بالهداية و قد يطلب منا المال!
- سوف
نتهمه بالجنون
- و
الدليل على جنونه أن أتباعه هم الفقراء و
المساكين
- فان لم ينته
سنهدده بالقتل
هؤلاء البشر رائعون! هم مفكرون و مبتكرون و بالتأكيد ليسوا
بحاجة إليّ للتغلب على نوح! نوح الذي وصل الليل بالنهار و
هو في الحر أو حتى تحت الأمطار و هو يحاورهم و يدعوهم, يحدثهم تارة عن نعيم الدنيا
من سعة في الرزق و الولد و تارة عن نعيم الآخرة من جنان و طمأنينة تكون لهم أن
أنابوا إلى خالقهم.
كان نوح حالة مميزة, فقد كان نجارا, مما جعله خبيرا في
التعامل مع الأشياء, فكل مسمار بحاجة إلى أسلوب مختلف في الطرق, و خشب السرو ليس
مثل خشب الصنوبر. لهذا فقد طبق ذلك في دعوته للناس, فكان يدعو كل شخص بما يلائم
شخصيته, بعضهم في السر و آخرون في العلن, بعضهم فرادى و آخرون في جماعات. نجح نوح
في استقطاب البعض و أسماهم بالمؤمنين. و
مضت السنون و مات الآباء و أوصوا أبنائهم بعدم إتباع نوح. ثم تطور مسار الأمور و أصبح
مضحكا بعد أن علمتهم بأن يضعوا أصابعهم في آذانهم و يغطوا وجوهم بثيابهم كلما رأوا
نوح! نعم أنا اعلم أن صوته يصل إليهم مع ذلك و لكن العبرة كانت في تحقيره و دفعه إلى
الجنون!
- ماذا سنفعل الآن؟ ...سأل أقواهم
- سنتركه, ليس
هنالك من أتباع جدد ينضمون إليه, فدعوه يجهد نفسه
و لكن نوح كان قد بدأ بإزعاجي, فكلماته تحرق أذني كرصاص
مصهور و لهذا فقد وسوست لهم بأن نبدأ القتل, سنعذب أتباعه و لن يوقفنا احد, فنوح
ضعيف و أتباعه مشردون. قبضوا على أحدهم و كان اسمه حسان و عذبوه ثم صعدوا به إلى
قمة تلة تطل على المدينة و هناك أعطوه فرصة أخيرة للعودة الى عبادة نَسر
- لا...صاح حسان
شعرت بالشفقة عليه! أيها الغبي ! إن نوح يدعو منذ مئات
السنين و لا أحد يستمع إليه, حتى الله الذي أرسله قد نسيه و نسيكم جميعا! لم يجبني
حسان و أنا أوسوس إليه
- اقتلوه...صحت
بهم
و سقطت منه قطرة دم واحدة فارتطمت بالتراب لتحدث صوت انفجار فانتفض الرجال
- ما كان هذا؟
و أتى الصوت مرة أخرى
فكان أكثر وضوحا
- انه صوت مطرقة!
و عندما عدنا إلى المدينة عرفنا أن نوح النجار أعمل مطرقته
وبدأ ببناء سفينة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق